الاحد 22 ديسمبر 2024م - 21 جمادي الثاني 1446 هـ

الخيل .. ” فيها جَمالٌ ” يستوجب الشكر ويستحق الثناء والتقدير.

20 مارس,2024

تعجز الكلمات عن وصف مدى الروعة والانبهار والدهشة التي يشعر بها الإنسان، حيث يجد نفسه عاجزاً عن التعبير عن  الإمتاع الجمالي البصري والفكري والعقلي والوجداني. إنها تجربة مُذهلة تجعلنا نتأمل في عظمة الخالق وتفرد كل مخلوق من مخلوقات الله تعالى، وفي هذا العصر الذي يعتمد في تواصله وإعلامه على الثقافة البصرية وموضوعية الصورة، يظل هذا الإحساس المعجز محفوظاً ومنبعاً للإلهام.

وإن التفكير  في الكون ومخلوقات الله تعالي، امتثالاً وطاعة لأمره تعالى:” قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”(سورة العنكبوت:20) ـ ليس فقط ـ الوعي والذائقة الجمالية, التي هي هبة من الله تعالى، بل أيضاً يـُزيد الإيمان بما يثمره من معرفة بتجليات اسمه تعالى “البديع”، فمخلوقات الله تعالي وبنيتها الجميلة تؤكد أن مبدعها سبحانه.

“باب الإعجاز في الكائنات الحية” يظهر فيه مظاهر الإعجاز الجمالي وتجليات الإبداع الإلهي، كما في باب “سنة الله في الآفاق وفي الأنفس” حيث تعكس آيات الله في الآفاق دلالة قاطعة على التوحيد.

في الآية الكريمة التي تقول “وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” (سورة النحل:5-8)، تبرز مفاتيح الإبداع الإلهي.

بعد أن أشار القرآن الكريم إلى استخدام الخيل للركوب لتلبية ضرورات الانتفاع المادية، جاءت كلمة “وزينة” لتشير إلى الحاجات الأخرى، مثل تلبية حاجات الجمال وتحفيز النفس البشرية السوية على تذوق الجمال وتنميتها وإثرائها.

وفي السنة النبوية، وردت العديد من الأحاديث التي تشير إلى فضل الخيل وجمالها.

وقد ورد الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على تكريم الخيل والعناية بها؛ فمن ذلك أن النبي، صلي الله عليه وسلم قال:”خير مال المرء مُهْرةٌ مأمورة أو سكة مأبورة”(سكة مأبورة: أي نخل ينبتُ على صفين ملقح). وروي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم: “رُئِيَ يمسح وجه فرسه بردائه فسئل عن ذلك؟ فقال: إني عُوتبت الليلة في الخيل”. وفي الصحيح عن جرير بن عبد الله، رضي الله عنه، قال: “رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْوِي نَاصِيَةَ فَرَسٍ بِإِصْبَعِهِ وَهُوَ يَقُولُ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ”(صحيح مسلم، ).

واختلف الرواة في عدد خيله، صلي الله عليه وسلم كما اختلفوا في أسمائها وألوانها، ولكن المشهور والمتفق عليه، ستة خيول: “السَّكْب”: الخفيف السريع الجري، و”المُرْتَجز”: يقال غيث مرتجز، و”ذو رعد”، لجهارة صهيله وحسنه، و”لِزَاَزُ”: الشديد المجتمع الخَلْقِة، و”اللُحَيْف”: طويل الذنب، كأنه يلحف/يغطي الأرض بذنبه، و”سَبْحَةَ”: حَسَنُ مدّ اليدين في جريه، و”الِظَّرَبُ”: ما نتأ من الحجارة وحُدّ طرفه، وقيل هو الجبل الصغير. وحكي عن ابن خالويه قال: كان للنبي، صلي الله عليه وسلم من الخيل: سَبْحَة، واللْحيف، ولِزَاز، والظَّرِب، والسَّكْب، وذو اللَّمَّة، والسَّرْحَان، والمُرْتَجِل، والأدْهَم، والمُرْتَجز، وذكر في موضع آخر مُلاوح والوَرْد، واليَعْسُوب. وذكر غيره: ذو العُقَّال والسَّكْب، واللْحيف، ولِزَاز والظَّرب، وسَبْحة، والبَحْر، والشَّحَاء.

في القرآن الكريم والسنة النبوية، وجدنا العديد من الإشارات والآيات التي تثني على جمال الخيل وفوائدها. فالخيل ليست مجرد وسيلة للتنقل، بل هي رمز للجمال والقوة والفخر في الثقافة العربية والإسلامية.

في الختام، يظهر من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أن الخيل تمتلك جمالًا لا مثيل له، وهي تستحق الشكر والتقدير والثناء لما تقدمه من فوائد عديدة للإنسان وللمجتمع.

التعليقات

اترك تعليقا

تقويم الفعاليات

جاري تحميل التقويم
المزيد ...