لقد عُثر على آثار لأسنان خيل في الصخور الرملية قرب جبل الظنة في أبوظبي، في العام 1979م وفي الشارقة اكتشفت مقابر كبيرة موغلة في القِدم، تضم خيولاً وجمالاً دُفنت بجوار أصحابها.
إنه التاريخ والخيل والمكان والسكان .
إن العلاقة بين الخيل وسكان منطقة الخليج علاقة تاريخية ، ودية وخاصة ،لا تشبه أي علاقة أخرى ، تصل لدرجة الحميمية والتوحد ، حتى يصبح الخيل وصاحبه شيء واحد ،ورغم أنها بدأت قوية إلا أنها زادت قوة وتطورت حتى وصلت إلى ما وصلت إليه حاليا ، سكان شبه الجزيرة وجيرانهم ومن بينهم الإمارات ورغم كل التقدم الذي وصلت إليه الدولة إلا أن علاقتهم القديمة بالخيل والبداوة لم تتغير ، منذ مئات وهم يهتمون بتفاصيل أنساب خيلهم وكأنها أنسابهم ويصدرون شهادة ميلاد رسمية لكل مهر يولد ويقيمون الاحتفال لميلاده أيام والأهم بأنهم لا يقدمون على خطوة تـسجيل اسم أم الخيل وأبيه والرسن والقبيلة ومالكه إلا بعد ان يتأكدوا من ذلك وبكل الطرق المتاحة ، ومن بعدها تبدأ مرحلة التربية وفق التقاليد البدوية.
تقول المصادر بالرغم من أن 600 ألف من الخيل العربية معترف بها في السجلات من قبل المنظمة العربية للجواد العربي (الواهو) على أنها أصيلة نقية. لكن الحقيقة توحي بأن 2% منها فقط تعتبر أصيلة ذات تربية ملتزمة بالتقاليد البدوية.
ولذلك كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله دائما يربط المشاركة في سباقات الخيل بضرورة تقديم شهادات تثبت عروبة واصالة الجواد بغرض الحفاظ على نقاء السلالة .
في عهد الشيخ زايد على وجه التحديد أصبحت سباقات الخيول حدثا يمكن ان يرقى ليصل إلى مستوى حدث تاريخي ، كل سباق له أهمية كونه مناسبة يجتمع فيها الرئيس بحكام الدول الأخرى وبالشعب وبالخيل التي تشعر بمدى تقديره ومحبته لها وتحاول في حضوره ان تظهر أقصى وأجمل ما عندها وكتشجيع على تطوير هذه الرياضة العريقة كان رحمه الله يرصد مكافئات كبيرة للفائزين مما جعل وتيرة الاهتمام بالسباقات وبالخيل تتصاعد حتى وصلت إلى ذروتها في عصرنا الحالي .
يقول أنتوني رندل، وهو من أبرز قادة ساحل عُمان في فترة خدمته فيها ضابطاً في العين، في كتابه «الإماراتيون.. كل أيامنا الخوالي» : “في العام 1961 طلب مني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تنظيم سباق بين خيوله وخيولنا، وكان ذلك تحدياً لابد من قبوله، خصوصاً أن الشيخ زايد قد رصد للفائز جائزة مقدارها 400 روبية، وكان ذلك مبلغاً ضخماً في تلك الأيام، ويمكن القول إنني قد كلفت بتنظيم أول سباق دولي للخيل في أبوظبي، وإنه من المستحيل وصف الجو في ذلك الوقت، فكلا الطرفين كان يحلم بالفوز، وقد تملكهما إصرار شديد وعزم قوي، بل وانتقل التوتر للخيول ذاتها».
في العام 2009 انطلق رسميًا مهرجان الشيخ منصور بن زايد آل نهيان العالمي للخيول العربية الأصيلة وكانت الدورة الأولى من المهرجان في أوروبا، حتى يصل في دورته الحالية إلى مهرجان عالمي ينتظره كل عشاق الخيل وهواة الفروسية .
المصدر: إيناس محيسن ـــ أبوظبي