حين كان أحد المواطنين يتجول في موقع «المقر» القريب من محافظة وادي الدواسر، وسط السعودية، اكتشف آثارًا ورسومات على الصخور، فسارع إلى إبلاغ الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني.
ومنذ ذلك الوقت، تحول الموقع إلى واحد من أهم الأماكن الأثرية في أوساط المراكز البحثية العالمية المتخصصة
وأظهرت الكشوفات الأثرية الأخيرة في الموقع شواهد لحضارة إنسانية متقدمة جدًا، من فترة العصر الحجري الحديث، شهدتها هذه المنطقة قبل 9 آلاف سنة، وعثر فيها على آثار تبرز أقدم استئناس للخيل في التاريخ
وتتميز المنطقة التي تعد امتدادًا لصحراء نجد بتضاريس خاصة, ويخترق الموقع وادٍ كان نهرًا جاريًا ينحدر باتجاه الغرب، مشكلاً شلالاً كبيرًا يصب في الأراضي المنخفضة الواقعة إلى الغرب من الموقع، ويوجد الموقع على ضفتي هذا النهر.
وعاش الإنسان في هذا المكان قبل التصحر الأخير، أو خلال فترة التحولات المناخية التي انتهت بانتشار التصحر في المنطقة، ولعل تلك التحولات هي سبب استقرار الإنسان في هذا المكان. كما مارس سكان هذا المكان الزراعة وتربية الحيوانات
وعثر الفريق الاستكشافي بالموقع على أشكال لحيوانات متعددة استأنسها الإنسان، واستخدم بعضها الآخر في نشاطاته وحياته اليومية، ومن هذه الحيوانات:
الضأن والماعز والنعام، والكلب السلوقي، والصقر، والسمك والخيل.
ويعد وجود أشكال كبيرة الحجم للخيل في هذا الموقع، مقترنة بمواد أثرية من العصر الحجري الحديث يرجع تاريخها إلى 9 آلاف سنة، اكتشافًا أثريًا مهمًا على المستوى العالمي، إذ إن آخر الدراسات حول استئناس الخيل تشير إلى حدوث هذا الاستئناس لأول مرة في أواسط آسيا (كازاخستان) منذ 5500 سنة.
وهذا الاكتشاف يؤكد أن استئناس الخيل تم على الأراضي السعودية في قلب الجزيرة العربية قبل هذا التاريخ بزمن طويل.
ويقارب طول أحد أشكال الخيل التي وجدت بالموقع 100 سنتمتر، وهو يمثل الرقبة والصدر، ولم يعثر من قبل على أشكال حيوانات بهذا الحجم في أي موقع آخر في العالم من هذه الفترة نفسها.