لطالما كانت الخيل رمزًا للجمال والقوة والوفاء، فهي ليست مجرد وسيلة للنقل أو الرفقة، بل كائنات تحمل أسرارًا خفية يمكن قراءتها من خلال بعض العلامات المميزة التي تميز كل حصان عن الآخر. هذه العلامات ليست مجرد تفاصيل شكلية، بل هي مفاتيح لفهم شخصية الحصان، حالته الصحية، وأحيانًا حتى أدائه في السباقات والعمل.
في عالم الفروسية، يدرك الخبراء أن هناك علامات خاصة في الخيل تكشف الكثير عن طبيعتها وصفاتها، بدءًا من لونها ووضعية أذنيها، إلى شكل عضلاتها وملامح وجهها. بعض هذه العلامات وراثية، وبعضها يتشكل مع تقدم العمر أو نتيجة لتجارب معينة مر بها الحصان.
في هذا المقال، سنستعرض علامات مميزة في الخيل تحمل أسرارًا مذهلة، وتساعد في فهم هذه الكائنات النبيلة بشكل أعمق. سنتحدث عن كيفية تفسير هذه العلامات، وما تعنيه بالنسبة لصحة الحصان وأدائه، بالإضافة إلى بعض القصص المثيرة حول الخيول التي تميزت بعلامات استثنائية جعلتها فريدة من نوعها. تابع القراءة لاكتشاف عالم الخيول من منظور جديد، حيث يكمن الجمال في التفاصيل، والأسرار في العلامات.
الشية
الشية في الخيل هي علامة مميزة تظهر على جسم الفرس بلون مختلف عن لونه الأصلي، وتتركز هذه العلامات بشكل خاص على الرأس والقوائم، وتعتبر بمثابة بصمة خاصة لكل حصان، فهي تختلف في شكلها وحجمها وموقعها، مما يجعل كل حصان فريدًا من نوعه. وتتخذ هذه البقع أو الشيات أشكالًا مختلفة وأسماء مختلفة تختلف من بلد إلى آخر. ومن أنواع الشية وأسمائها: النجمة وهي علامة بيضاء صغيرة تظهر على جبهة الفرس، وتختلف في شكلها وحجمها، فقد تكون صغيرة أو كبيرة، مستديرة أو غير منتظمة، ويمكن أن تكون علامة مميزة للحصان، وقد يستخدمها البعض لتحديد هويته، والشريط أو اليعسوب وهو خط أبيض يمتد على قصبة أنف الفرس، ويتوقف قبل الوصول إلى المنخرين، ويسمى عند العرب “اليعسوب” وهو من العلامات المميزة التي تزيد من جمال الخيل، والأبيض الوجه وهو لون أبيض يغطي جبهة الفرس بالكامل، ويصل أحيانًا إلى العينين، ويعد من العلامات الواضحة والملفتة للنظر في الخيل، والشعلة أو غرة شارخة وهو بياض يغطي الوجه، لكنه لا يصل إلى العينين، ويطلق العرب عليه اسم “غرة شارخة”، والقصاصة أو أرتم وهي علامة بيضاء تظهر على الشفة العليا للفرس، ويطلق العرب عليها اسم “أرتم”، والتحجيل وهي علامات بيضاء تظهر على قوائم الفرس، وتختلف أشكال التحجيل وأحجامه، وقد يغطي جزءًا من القائمة أو يغطيها بالكامل، وعدد القوائم المحجلة له دلالات أيضا فالتحجيل على الأربع قوائم له اسم والتحجيل على ثلاث قوائم له اسم ويسمى حسب القائم الخالي من العلامات مثل محجل الثلاث مطلق اليد اليمنى أو الرجل اليسرى. والخيل المصمت هو الحصان الذي لا يحمل أي علامات أو بقع بيضاء على جبهته، ويطلق على اللون أيضا “أصم” مثل أحمر أصم. وتعتبر الشية علامة مميزة تساعد في التعرف على الخيل وتحديد هويته، وقد تحمل الشية دلالات معينة في بعض الثقافات، حيث يعتبرها البعض علامة على الحظ أو القوة، وتزيد من جمال الخيل وتفرده. وتختلف أسماء الشية وأشكالها من منطقة إلى أخرى، وتعتبر جزءًا من التراث العربي الأصيل، حيث كان العرب يهتمون بتسمية الخيول وتحديد علاماتها المميزة.
التحجيل
التحجيل في الخيل، ذلك الفن القديم الذي يروي قصصًا عن أصالة الخيل وجمالها، هو عبارة عن علامات بيضاء أو شيات تظهر على قوائم الفرس، وتختلف أشكالها وأحجامها ومواقعها، مما يجعلها علامة مميزة لكل حصان. وقد استمدت كلمة “التحجيل” من “الحجل”، وهو ما كانت ترتديه النساء في القدم من حلي فضية، مما يضفي على هذه العلامات لمسة من الأناقة والرقي.
وتتنوع أنواع التحجيل وتفاصيلها بشكل كبير، مما يجعلها لغة بصرية غنية بالمعاني. فالحصان الذي لا يحمل أي علامات على قوائمه يطلق عليه “أصم”، مثل “أحمر أصم”، في إشارة إلى نقاء لونه وصفاء أصله. ويمكن تصنيف أنواع التحجيل حسب عدد القوائم التي تحمل العلامات، فمنها ما يغطي الأربع قوائم، ومنها ما يظهر على ثلاث قوائم فقط، وفي هذه الحالة يسمى الحصان حسب القائمة الخالية من العلامات، مثل “محجل الثلاث مطلق اليد اليمنى” أو “محجل الثلاث مطلق الرجل اليسرى”، مما يدل على دقة الملاحظة والوصف عند العرب.
وقد يقتصر التحجيل على قائمتين فقط، أو على قائمة واحدة، أو على اليدين فقط، أو على اليدين والوجه معًا، مما يضفي على الحصان مظهرًا فريدًا ومميزًا. أما إذا كانت العلامات على يد واحدة والوجه، فيسمى الحصان “أعصم”، وهو مصطلح يحمل دلالات خاصة في التراث العربي. وهناك أيضًا مصطلحات خاصة لأنواع محددة من التحجيل، مثل “ممسك الأيامن مطلق الأياسر”، الذي يشير إلى وجود البياض في رجل ويد من الجانب الأيمن، و”ممسك الأياسر مطلق الأيامن”، الذي يشير إلى وجود البياض في رجل ويد من الجانب الأيسر، مما يدل على دقة الوصف والتفصيل في هذه العلامات. وقد تكون العلامات معكوسة، فتوجد في اليد اليمنى والرجل اليسرى أو العكس، مما يضيف إلى تنوع هذه العلامات وتفردها.
ولا يقتصر التحجيل على كونه علامة جمالية فحسب، بل يحمل أيضًا دلالات عملية، حيث يساعد في التعرف على الخيول وتحديد هويتها، خاصة في السباقات والمسابقات. كما أنه يعكس اهتمام العرب بالخيول وتقديرهم لها، وحرصهم على تسجيل أدق التفاصيل المتعلقة بها. فالتحجيل ليس مجرد علامات بيضاء على قوائم الخيل، بل هو جزء من التراث العربي الأصيل، وشاهد على العلاقة الوثيقة التي تربط الإنسان العربي بالخيل.
تابعونا على الانستجرام أضغط هنا
للمزيد من المقالات أضغط هنا