في عالم رعاية الخيل، تأتي جودة التبن في مقدمة الاهتمام، حيث يعتبر التبن جزءاً أساسياً من نظام غذاء الخيل. لكن لضمان توفير التغذية الصحيحة والمناسبة للخيل، يجب أن يكون التبن معالجاً بعناية وفعالية. ومن بين العمليات الأساسية التي تؤثر بشكل كبير على جودة التبن وفائدته للخيل، هي عمليتا النقع والتبخير. تعتبر هاتان العمليتان أساسيتان لتحضير التبن بطريقة تضمن توفير التغذية الصحيحة والمتوازنة للخيل
التبن يُعتبر علفاً يُستخدم على نطاق واسع في تغذية الخيل المحفوظة في الأسطبلات، وتُعد جودته أمرًا بالغ الأهمية لصحة الجهاز الهضمي والرفاهية العامة والجهاز التنفسي. من أجل ضمان الصحة، قد يكون من الضروري تقليل الكربوهيدرات القابلة للذوبان في الماء أو الجزيئات القابلة للتنفس (الغبار) في التبن. يتضمن العلاج المستخدم لهذا الغرض عادةً النقع والبخار، ولكن من الأهمية بمكان فهم كيفية تأثير هذه العلاجات على الجودة الغذائية والصحية للتبن.
يُعتبر نقع التبن في الماء طريقة شائعة لرعاية الخيل التي تعاني من الحالات التالية: التهاب الصفيحة، واضطرابات التخزين السكاريدي، والشلل الدوري المفرط، ومرض الانسداد الرئوي المزمن. يقلل النقع لمدة 15 إلى 60 دقيقة من الكربوهيدرات القابلة للذوبان في الماء والبوتاسيوم والغبار، والتي تلعب دورًا في تلك الحالات المذكورة. وفي مثل هذه الحالات، يُفضَّل تغذية الخيول بتبن يحتوي على كمية أقل من 100 جم من الكربوهيدرات القابلة للذوبان في الماء لكل كيلوغرام من المادة الجافة.
تغذية التبن المنقوع تشمل غمر التبن في الماء البارد لمدة تقريبًا 60 دقيقة أو الماء الساخن لمدة تقريبًا 30 دقيقة، مما يزيل نسبة كبيرة من الكربوهيدرات القابلة للذوبان في الماء، مما يجعل التبن أكثر ملاءمة للخيل التي تحتاج إلى وجبات غذائية منخفضة النشويات. هذه الخطوة مفيدة للخيل التي تعاني من السمنة المفرطة، ومتلازمة التمثيل الغذائي للخيل حيث يزيل النقع بعض البوتاسيوم من التبن.
للخيل التي تتبع نظامًا غذائيًا عاديًا، لا يُنصح بنقع التبن، إلا إذا كانت بحاجة إلى تقييد كمية معينة من الكربوهيدرات أو البوتاسيوم. يجب على أصحاب الخيل تحليل كل دفعة من التبن قبل وبعد النقع لمعرفة مدى انخفاض هذه المستويات، حيث يمكن أن تختلف الأرقام باختلاف أنواع ومراحل نضج التبن. ومع ذلك، لا يُمكن ضمان أن النقع سيغير العناصر الغذائية بما يكفي لجعل التبن آمنًا تمامًا للخيل ذات الظروف المحددة.
تغذية التبن على البخار هي عملية تضع التبن في جهاز ينتج بخارًا يمر عبر الحزم، مما يؤدي إلى قتل الكائنات الحية الدقيقة والجراثيم وإزالة بعض الكربوهيدرات. على الرغم من أن النقع لا يزيل الكثير من الكربوهيدرات بالمقارنة، يعتبر التبن المعالج بالبخار جذابًا للخيل، مما يزيد من احتمالية تناولها لهذا النوع من التبن.
وتتأثر جودة التبن بعوامل عدة مثل مرحلة النمو أثناء الحصاد وتركيب الأعشاب المختلفة. عادةً ما يحتوي التبن على نسبة متفاوتة من الكربوهيدرات القابلة للذوبان في الماء، تتراوح بين 100 إلى 310 جم لكل كيلوغرام من المادة الجافة، حتى في القش الذي يأتي من المراعي “الفقيرة”.
تلعب الظروف الجوية خلال مرحلة الحصاد وخلال عملية التخزين والتخزين نفسه دورًا كبيرًا في جودة وصحة التبن. فقد تم ربط سوء نظافة الأعلاف بالعديد من الأمراض مثل التهاب الشعب الهوائية، وذلك نظرًا لوجود تركيزات عالية من الجسيمات القابلة للتنفس في التبن، والتي تشمل الأبواغ الفطرية والبكتيريا والغبار ومسببات الأمراض. وقد أظهرت الأبحاث أن عمليات النقع والتبخير والمزيج بينهما يمكن أن تؤثر على جودة التبن الغذائية والصحية.
يمكن أن يؤدي النقع إلى انخفاض كبير ولكن متفاوت في نسبة الكربوهيدرات القابلة للذوبان في الماء في القش، حيث أظهرت الدراسات خسائر تتراوح بين 9٪ و 54٪ عند النقع لفترة تصل إلى 9 ساعات عند درجة حرارة 16 درجة مئوية، مع تأثير ضئيل على جودة مياه الشرب ومياه الصرف، بغض النظر عن استخدام الماء الساخن أو البارد.
بالرغم من أن عملية النقع لا تؤثر على محتوى البروتين في التبن، إلا أنها تقلل بشكل ملحوظ من المحتوى المعدني. في إحدى الدراسات، تبين أن النقع لمدة 30 دقيقة فقط أدى إلى انخفاض في مستويات المعادن مثل الفوسفور والبوتاسيوم والمغنيسيوم والصوديوم والنحاس. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر النقع على طعم القش. من المهم التعامل بحذر مع السائل بعد النقع، حيث أنه يتطلب 9 أضعاف كمية الأكسجين البيولوجي مقارنة بمياه الصرف الصحي الخام، ويجب التخلص منه بشكل صحيح.
أظهرت الأبحاث أن النقع لمدة 10-30 دقيقة يمكن أن يقلل من الجزيئات القابلة للتنفس بنسبة 93٪، بينما عملية الري تحقق فقط انخفاضًا بنسبة 43٪. ومع ذلك، فإن النقع يمكن أن يزيد بشكل كبير من المحتوى الميكروبي، بما في ذلك البكتيريا والعفن. أظهرت الدراسات أن النقع لمدة 10 دقائق يزيد من المحتوى الميكروبي بمقدار 1.5 مرة، وأن النقع لمدة 9 ساعات يؤدي إلى زيادة المحتوى الميكروبي بمقدار 5 أضعاف.
في المناطق الصحراوية، يُنصح بنقع التبن لفترات قصيرة فقط، ويُفضل ألا تتجاوز مدة النقع ما بين 30 إلى 60 دقيقة قبل الاستخدام. قبل الاستخدام، يُوصى بـ “الماء” أو غسل التبن المنقوع لتقليل خطر التلوث البكتيري.
يُعتبر التبن المعالج بالبخار مناسبًا لتغذية أي خيل، على الرغم من أن مستوى الكربوهيدرات قد يكون أقل قليلاً بهذه الطريقة. ومع ذلك، يستغرق عملية التبخير وقتًا طويلاً، ويتطلب شراء جهاز البخار بعض التكاليف. مثل النقع، فإن هذه العملية ليست ضرورية إلا إذا كانت الخيل تعاني من الحساسية للجراثيم والبكتيريا الموجودة في القش.
عملية التبخير تتضمن إدخال البخار في القش بدرجات حرارة تصل إلى حوالي 100 درجة مئوية لفترة محددة. يتطلب التبخير اتباع إرشادات الشركات المصنعة بشأن مدة التبخير، حيث إن الإفراط في استخدام البخار قد ينتج عنه تأثيرات عكسية وزيادة في الجسيمات القابلة للتنفس.
تبخير التبن باستخدام أجهزة البخار التجارية يُعتبر الطريقة الأكثر فعالية لتقليل الجسيمات القابلة للتنفس بشكل كبير، حيث يتم تقليل جراثيم العفن والبكتيريا بنسبة تصل إلى 99٪. عادةً ما تقوم المبخرات التجارية بتبخير التبن لمدة تصل إلى ساعة تقريباً عند درجة حرارة تصل إلى حوالي 100 درجة مئوية، وهذا يضمن توزيع البخار بالتساوي في جميع أنحاء البالة مما يؤدي إلى تبخر التبن بشكل كامل.
تشير الدراسات إلى أن معدل الجسيمات القابلة للتنفس المنخفض الناتج عن عملية التبخير يمكن أن يستمر لمدة تصل إلى 4 أيام، ومع ذلك، فمن المستحسن تقديم التبن المبخر للحيوانات خلال فترة تتراوح بين 12 إلى 24 ساعة لمنع التلوث. بالإضافة إلى ذلك، وجد أن عملية التبخير تعزز طعم التبن مقارنةً بعملية النقع.
لضمان نقع التبن بشكل صحيح، ينبغي غمره في الماء العذب البارد، ويمكن استخدام سلة المهملات أو سلة مهملات كبيرة لهذا الغرض. يجد العديد من الأشخاص أنه من الأسهل وضع التبن في شبكة من التبن ثم غمره في الماء. يساعد شطف الماء المتبقي من التبن بعد النقع على إزالة أي سكريات إضافية، ويجب التخلص من الماء بعد كل جلسة نقع للتبن.
تظهر أهمية عمليات النقع والتبخير في تحضير التبن لتغذية الخيل ورعايتها بشكل لا يمكن إنكاره. من خلال تنظيف وتطهير التبن وتخفيفه بواسطة النقع، وتقليل الميكروبات والجسيمات الضارة من خلال عملية التبخير، يمكن توفير بيئة غذائية آمنة وصحية للخيل. بفضل هذه العمليات، يمكن للمربين ومالكي الخيل أن يضمنوا توفير التبن المناسب الذي يساهم في صحة وراحة خيلهم . وبالتالي، فإن الاستثمار في عمليات النقع والتبخير يعتبر خطوة ضرورية للمحافظة على سلامة وعافية الخيل وضمان تقديم الرعاية الأمثل لها.