النوم الجيد ليلاً ضروري لصحة ورفاهية جميع الثدييات، بما في ذلك الخيول.
النوم يساعد الجسم على التعافي بعد بذل الجهد، ومن الضروري ألا يكون هناك أي شيء يعيق هذه العملية، حيث أظهرت دراسة سلوكية لمجموعة من الخيول التي تم تدريبها على جهاز المشي، أنها قضت ضعف الوقت مستلقية أثناء الليل مقارنة بالمجموعة التي لم تمارس التمرين.
هل تنام الخيول واقفة؟
الخيول لا تحتاج إلى نوم طويل مثل البشر فهي تنام بمعدل ثلاث ساعات تقريبًا خلال كل 24 ساعة، بالإضافة إلى قضاء ساعتين إلى ثلاث ساعات أخرى في حالة نعاس أثناء الوقوف، وعلى عكسنا، تميل الخيول إلى النوم على فترات قصيرة ومتعددة، وبما أن الحصان فريسة بطبيعته، فإن هذه الفترات القصيرة من النوم — والتي يمكنه الاستيقاظ منها بسرعة — ربما تكون آلية للبقاء، لحمايته من الهجمات في أكثر أوقاته ضعفًا.
تنام الخيول المربوطة في الإسطبل بشكل رئيسي خلال الليل، عادة بين منتصف الليل والساعة الرابعة صباحًا، وذلك بسبب كثرة الإزعاجات خلال النهار، أما الخيول التي تعيش في مجموعات في المراعي، فعادة ما تنام أثناء النهار، مع وجود حصان أو أكثر يقوم بدور “الحارس” ضد الحيوانات المفترسة، وغالبًا ما يكون هذا الحصان من الأعلى تصنيفًا في الهيمنة ضمن القطيع.
أثبتت الدراسات أن الخيول التي تُبقى بمعزل عن غيرها قد تنام أقل، بسبب غياب نظام “الصديق الحارس” الموجود عادةً في الحياة الجماعية، حيث يقوم حصان بمراقبة الحيوانات المفترسة أثناء نوم الآخرين.
السماح للخيول برؤية ولمس بعضها البعض، حتى في الإسطبلات المجاورة، قد يمنحها الطمأنينة اللازمة للنوم الكافي — حيث ثبت أن هذا الارتباط يقلل من سلوكيات القلق مثل النسج بنسبة 85%.
مراحل النوم عند الخيول
هناك ثلاث مراحل رئيسية للنوم عند الخيول:
النعاس (الكسل):
يكون الحصان مسترخيًا، مع تدلي رأسه ورقبته قليلًا أسفل مستوى الكتفين، تكون جفونه وأذناه وشفته السفلى مسترخية، وغالبًا ما يقف على ساق خلفية واحدة، ويُساعده في ذلك نظام تثبيت مفاصل الأطراف الأمامية والخلفية، مما يسمح له بالوقوف دون الحاجة إلى جهد عضلي واعٍ.
النوم الموجي البطيء (Slow Wave Sleep):
يُسمى أيضًا “نوم العقل”، عندما يتم قياس نشاط الدماغ باستخدام جهاز تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، تظهر الأمواج بطيئة ومنتظمة، ما يدل على أن الدماغ ليس في حالة نشاطه القصوى، يمكن للحصان الدخول في هذه المرحلة أثناء الوقوف، ولكن غالبًا ما يفضل الاستلقاء في وضعية نصف نائمة تُعرف بـ “الاستلقاء الصدري”.
نوم حركة العين السريعة (REM):
يكون فيه الدماغ نشطًا كما لو كان الحصان مستيقظًا، لكنه في الواقع أعمق مراحل النوم. يُطلق عليه أيضًا “نوم الجسد” نظرًا لوجود استرخاء تام في العضلات، لا يمكن للحصان الدخول في مرحلة REM إلا أثناء الاستلقاء، إما في وضعية الاستلقاء الصدري أو غالبًا بالاستلقاء الجانبي.
مرحلة REM هي الأهم في النوم، وعلى الرغم من أن العلماء لا يفهمونها بالكامل، إلا أن الحصول على نوم كافٍ من نوع REM ضروري للصحة الجسدية والعقلية، فالخيول التي لا تستلقي أبدًا للنوم تعاني دائمًا من حرمان النوم.
أنماط نوم الخيول
تشير التقديرات إلى أن الخيول المستأنسة تحصل على حوالي ساعتين من النوم الموجي البطيء خلال أربع إلى خمس فترات نوم منفصلة، مع فترات نوم REM تحدث بشكل عشوائي بينهما. عادةً، يقضي الحصان حوالي 45 دقيقة في نوم REM على دفعات مدة كل منها حوالي خمس دقائق، وخلال تلك الفترات، قد يقف، يتحرك في الإسطبل، يأكل القليل من التبن، يغفو لفترة قصيرة، ثم يستلقي مرة أخرى.
أهمية مكان النوم (الفراش)
شهدت السنوات الأخيرة تغييرات كبيرة في رعاية الخيول، بدلاً من استخدام التبن العميق التقليدي، يعتمد العديد الآن على الأرضيات المطاطية مع فراش بسيط يغطي مساحة صغيرة من الأرضية.
وقد أظهرت الدراسات أن حجم الإسطبل (وبالتالي مساحة الفراش) يؤثر بشكل كبير على مدة استلقاء الحصان — فكلما كان الفراش أكبر وأكثر راحة، زاد الوقت الذي يقضيه الحصان مستلقيًا.
هذا التغيير ربما أثر أيضًا على أنماط النوم ووضعيات الاستلقاء بطرق لم يتم دراستها أو تقييمها بشكل كامل بعد.
تأثير قلة النوم على الأداء
الرياضيون البشر الذين يعانون من قلة النوم يُظهرون بطئًا في الاستجابة، وزيادة في معدلات الإصابة، وضعفًا في الجهاز المناعي، وانخفاضًا في الأداء الرياضي. على الرغم من قلة الدراسات حول تأثير قلة النوم على الخيول، إلا أنه من المنطقي أن يكون لها تأثير مشابه.
الحرمان من نوم REM عند البشر يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل القلق، ضعف التركيز، والتهيج, وقد تكون هذه الأعراض موجودة أيضًا عند الخيول، وإن لم يتم إثباتها علميًا بشكل مباشر حتى الآن.
اختيار مادة الفراش
وجدت الدراسات أن الخيول التي تنام على التبن تستلقي على جانبها ثلاث مرات أطول من تلك التي تنام على نشارة الخشب, كما أن عمق الفراش يؤثر على مدة الاستلقاء.
عند إعطائها حرية الاختيار، تفضل الخيول التبن على النشارة، خاصة أثناء التعافي من التخدير، حيث يكون الشفاء أفضل عند الاستلقاء على التبن مقارنةً بالفرش المطاطي.
متلازمة حرمان النوم
تُعرف هذه الحالة أحيانًا بشكل خاطئ باسم “النوم القهري” (الناركوليبسي)، وهي مختلفة ونادرة عند الخيول.
تصف هذه الحالة ظاهرة دخول الخيول في نوم REM أثناء الوقوف، مما يؤدي بها إلى الانهيار فجأة إلى الأمام، ثم تستيقظ على الفور.
قد تترك هذه الحوادث علامات واضحة على مفاصل السيقان الأمامية, وقد يكون السبب الرئيسي في ذلك هو الحرمان من نوم REM نتيجة لعدم استلقاء الحصان ليلًا، بسبب الألم أو القلق أو نقص الفراش أو المساحة الكافية للاستلقاء، أو العزل الاجتماعي عن بقية القطيع.
ماذا يحدث عندما لا نكون موجودين؟
الكثير من المربين لا يدركون كمية وجودة النوم التي يحصل عليها حصانهم، لأن التركيز الأساسي ينصب على التدريب والعمل خلال ساعات اليقظة.
لكن ما يحدث خلال الليل، عندما لا نكون حاضرين، قد يكون أكثر أهمية مما نعتقد.
في الختام…
النوم ليس مجرد راحة للحصان، بل هو ضرورة تعيد إليه حيويته وقوته، وتحفظ له توازنه الجسدي والنفسي, العناية بجودة نوم حصانك تعني أنك تمنحه فرصة للحياة بصحة أفضل وأداء أعلى، وتقلل من مخاطر الإصابات أو الإجهاد المزمن.
لا تستهين بلحظاته التي يقضيها مستلقيًا, فقد تكون تلك اللحظات البسيطة هي سر تفوقه وراحته!
امنح حصانك بيئة آمنة، فراشًا مريحًا، ورفقة يشعر معها بالأمان، وسترى الفرق في صحته وسعادته.
تابعونا على الانستجرام أضغط هنا
للمزيد من المقالات أضغط هنا