أثناء فترة التشبية، تقوم الفرس بإنتاج بويضة جديدة كل 18 إلى 24 يومًا، وهي عملية تُعرف بالدورة. تنمو كل بويضة داخل المبيض ضمن بنية تسمى جريب التبويض. توضح الدكتورة إيما هاوتون من مجموعة إنديل البيطرية أنه خلال موسم التشبية أو ما يُعرف بفترة النزوة، تكون الفرس قابلة للتشبية لمدة تتراوح بين 4 إلى 7 أيام، وقد تطول أو تقصر بين يومين و12 يومًا، تليها فترة خارج الدورة تستمر عادة 14 إلى 15 يومًا.
وتلعب فترة التبويض دورًا مهمًا في نجاح التلقيح الاصطناعي، حيث يمكن استغلال التوقيت بدقة لحقن السائل المنوي في التوقيت المثالي وفقًا لنمط الدورة لدى الفرس. وتضيف إيما أن خلال الموسم، يزداد حجم جريب التبويض ويظهر سائل (أوديما) في رحم الفرس، وعندما يصل حجم الجريب إلى 35 ملم، يُمكن استخدام أدوية مثل تشورلون أو أوفيوبلانت لتحفيز التبويض.
بعد استخدام هذه الأدوية، من المتوقع أن تنتج الفرس بويضات في غضون 24 إلى 48 ساعة، مما يتيح الوقت اللازم لتحضير السائل المنوي وتلقيح الفرس في الوقت المناسب قبل التبويض.
عند اختيار نوع السائل المنوي الأنسب لتلقيح فرسك، تتوفر ثلاثة أنواع رئيسية لكل منها خصائصه في الكفاءة والتوقيت:
1. السائل المنوي الطازج: يتم الحصول عليه مباشرة من الفحل المتواجد بالقرب من الفرس، ويمتاز بأعلى معدلات الخصوبة. يوصى باستخدامه خلال ثلاث ساعات من الحصول عليه لضمان فعاليته، وقد يختلف هذا التوقيت حسب الفحل.
2. السائل المنوي المبرد: خيار جيد إذا كان من الصعب إحضار الفحل مباشرة. يتم معالجته بمواد حافظة ومضادات حيوية ليظل صالحًا حتى 30 ساعة، ما يتيح التلقيح في مواقع أبعد. لكن يظل توقيت التبويض أمرًا حاسمًا، ويجب توفر السائل عند الفرس في التوقيت الملائم.
3. السائل المنوي المجمد: يتميز بإمكانية تخزينه لفترات طويلة، مما يجعله خيارًا مرنًا ويتيح الوصول لفحول من حول العالم. لكن استخدامه يتطلب تدخلاً بيطريًا دقيقًا، ويجب التلقيح قبل أو بعد التبويض بساعات محددة لضمان نجاحه.
يختار الأطباء البيطريون بين هذه الأنواع بناءً على حالة الفرس وعمرها وصحتها الإنجابية، حيث يزيد السائل الطازج أو المبرد من فرص الحمل إذا تم التلقيح في التوقيت المناسب.
لضمان نجاح التلقيح الاصطناعي، يجب الاهتمام بصحة الفرس بشكل شامل، بما يشمل برامج التطعيم، والتخلص من الديدان، والعناية بصحة الحوافر والأسنان. ومع ذلك، هناك أمور إضافية ينبغي مراعاتها عند تجهيز الفرس للتلقيح.
يقول إدوارد تويم، مالك مزرعة ومركز للتلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة، “كثيرًا ما نجد أن بعض الأفراس تكون نحيفة جدًا أو سمينة جدًا، لذا ينبغي التأكد من ملاءمة حالتها الصحية.” كما يضيف، “مثل الإناث في جميع الكائنات، فإن فرص حمل الخيول قد تتحسن مع التغذية المناسبة.”
في حال إرسال الفرس إلى مربط أو عيادة للتلقيح الاصطناعي، قد يُطلب إجراء فحوصات صحية مسبقة، مثل فحوصات الرحم وأمراض العدوى الخاصة بالخيول، كالتهاب الرحم الخيلي المعدي وفيروس الأنيميا الخيلية المعدية.
يلاحظ إدوارد أن الفحوصات السابقة للتشبية لا تضمن دائمًا معرفة فرص الحمل بدقة، خاصة للأفراس التي تلد لأول مرة. ويقول، “قد يقترح اختصاصي الإنجاب أخذ عينات من بطانة الرحم لتحليلها في حالات الشك بوجود مشاكل إنجابية، حيث تظهر معظم المشاكل بعد التلقيح.”
ويشير إدوارد إلى أهمية معرفة تاريخ تشبية الفرس، خاصة إذا كانت قد ولدت في وقت مبكر، حيث أن معلومات مثل توقيت ونوعية التلقيح قد توفر وقتًا وجهدًا في المستقبل.
وفيما يخص الأفراس الأكبر سنًا، يوصي بالصبر، حيث أن خصوبتها قد تكون مرتفعة أو منخفضة، ولن تُعرف فرص نجاح الحمل إلا بعد المحاولة.
قد يبدو أن الحصان الذي اخترته يتمتع بمظهر ممتاز وأداء جيد ومزاج ملائم، لكن يبقى السؤال: هل السائل المنوي لهذا الفحل يكفي لجعل فرسك حاملًا؟
يؤكد فريد على أن بيانات خصوبة الفحول ليست متاحة بسهولة، موضحًا أن المقياس الأهم هو معدل الحمل في كل دورة، لكن غالبًا ما يحتفظ أصحاب الفحول بهذه المعلومات. ويضيف، “من الضروري معرفة فعالية التلقيح لكل دورة، وليس فقط عدد الأفراس التي حملت”.
لذا ينصح بسؤال مالك الفحل أو المربط حول نسبة الحمل لكل دورة نزوية، فعادةً ما يكون الهدف هو تحقيق نسبة نجاح تقارب 50%، على الرغم من أن النتائج قد تختلف حسب العناية بكل فرس على حدة.
أما بالنسبة للأفراس الصغيرة أو التي تلد لأول مرة، ينصح بالاستثمار في سائل منوي من فحل مميز. ويشير إلى أنه إذا كانت الفرس عمرها فوق 14 سنة ولم تحمل في الموسم السابق، فالأفضل تجنب السائل المنوي من الفحول الأغلى أو المجمدة، حيث من الأفضل تحسين الخصوبة أولاً.
اختيار المكان للتلقيح الاصطناعي:
تضيف الدكتورة إيما أن اختيار المكان المثالي للتلقيح يمكن أن يعتمد على مدى راحة الفرس. فالتلقيح في المزرعة قد يقلل التوتر لدى بعض الأفراس، لكن الظروف المثالية تتطلب توفر فحوصات الموجات فوق الصوتية والتلقيح الاحترافي.
وتنصح إيما بأن إجراء التلقيح في العيادة قد يكون أقل تكلفة، لأن تكاليف الزيارات البيطرية للمزرعة تزيد من النفقات.
قد يبدو التلقيح الاصطناعي عملية بسيطة، لكنه قد يكون مخيبًا للآمال لمن لم يستعد جيدًا.
توضح الدكتورة إيما ضرورة معرفة التكاليف الكاملة مسبقًا، وتنصح بالتأكد مما إذا كانت تكلفة العيادة أو المربط تشمل الإقامة، الأدوية، وفحوصات الحمل، وتطرح سؤالًا مهمًا: “هل ستتكرر نفس التكاليف في حال عدم نجاح الحمل في المحاولة الأولى؟”
رغم أن معظم عمليات التلقيح الاصطناعي تمر بسلاسة، إلا أن بعض التعقيدات قد تظهر. ليس كل الأفراس تمر بدورات نزوية منتظمة كل 21 يومًا، وقد تفرز بعض الأفراس كميات كبيرة من السوائل في الرحم، مما قد يعيق بقاء الجنين في حال حدوث الحمل. كذلك، هناك احتمال للتوائم لدى بعض الأفراس، حيث أن الرحم قد لا يسع كلا الجنينين بشكل مثالي، ما يستدعي “ضغط” أحد الأجنة لضمان فرصة أفضل للآخر، لكن هذا يتضمن مخاطرة.
في النهاية، لا يمكن دائمًا التنبؤ بالمشكلات حتى تبدأ العملية.
تابعونا على الإنستجرام
للمزيد من المقالات